الأحد، 4 يوليو 2010


(الكلمات وحدها لاتكفى)

◙ كم سمعت وقرأت عن ولعمالقة التنمية البشرية والتى تمتلئ أرفف المكتبات بكتبهم وكتاباتهم الرائعة والتى ٩٠٫٩٪ منها تمتلئ بالحماسة وكلمات التحفيذ والتى تجعل كلاً منا بعد قراءتها يحمروجهه وعينيه وتنتفخ أوداجه ثم يقلب المنضدة من أمامه ويقذف بالكتاب بطول ذراعه ويهب واقفاً عازماً على النجاح ويقول فى نفسه أنا قادر على الفعل مثل فلان وعلان،أنا سكت كثيراً على الدنيا سوف ترى الأن من أنا .

وكل (هذا) جميل بل رائع ومطلوب ولكن ...

ماذا بعد (هذا) ؟

ما المرحلة التالية ؟

ما الذى يجب فعله الأن ؟

هل ثمة مراحل أثناء مشوارى ؟

ومادام الأمر كذلك فما المرحلة الأولى ؟

وما الزمن اللازم والكافى للمرحلة الأولى ؟

هل المرحلة الأولى تحتاج إلى بعض الوسائل والمساعدات ؟

هل فى المرحلة الأولى سوف تعترضنى العراقيل أو المشكلات ؟

كيف أحصل على الوسائل والمساعدات التى تحتاجها المرحلة الأولى ؟

كيف أحل المشكلات وأحلل العراقيل التى قد تواجهنى فى المرحلة الأولى ؟

و........يكفى هذا الأن

والأن...

ألا ترى إن التساؤلات تزداد طولاً وهذا يعنى إن كلماتها تزداد وهذا يعنى أنها تزداد عمقاً وتعمقاً ،ورغم إن هذا غيض من فيض فهل لاحظت أن كل ماسبق كان للمرحلة الأولى فقط .

أنا أرى وعن تجربة شخصية إن تلك الكتب ( كتب التنمية البشرية ) - والتى أُصر على إنها رائعة - إنها مفيدة جداً ،ولكنها قد تهدم أحيانا مَن يأخذ الأمور بتسرع لأنه عند قراءة تلك العبارات الحماسية قد يتخبط ويُبذل الطاقة الكبيرة فى اللاشئ فكلمات الحماسة أقوى من السحرلأنها تُخاطب حُب الفوزالفطرى والإنتصار على الأخر حتى تكون شيئاً مذكورا والذى من أجله أقيمت البطولات والمنافسات الرياضة فيما بين الشعوب لأبعادهم عن التقاتل والحروب ولأشباع حب الإنتصار الفطرى على الأخر، هذا بالأضافة إلى الحُب الفطرى والمُلح للمال ، وكذلك تُخاطب جانب الأنا المُتعالى فى الإنسان كيف يفعل فلان هذا ولاأستطيع أن أفعلهُ (أنا) بكل هذا الذكاء الذى لدى وتلك الإمكانيات (فأنا أعرف كذا وكذا و...) هذا لهو لسان حال الكثيرمن القارئين لتلك الكتابات الجميلة لأول وهلة .

ولأنها بمثابة تسخين للماء الساخن .

ماذا يحدث فى تلك الحالة ؟

بالطبع غليان

وماذا يعنى الغليان ألا يعنى التخبط والعشوائية

والتخبط والعشوائية ما الضير فيهما ؟

ببساطة اللاعقلانية بكل صورها وشعاراتها

من عدم دراسة الأمور قبل البدء فيها وما رأيك فيمن يريد بناء عمارة أو بيت أليس أمامه العديد من الخطوات التى لابد أن يشرع فيها بالترتيب وبدقة ، أولها دراسة تربة الأرض التى يريد البناء عليها هل تحتمل البناء عليها أم لا ومدى الحفر لابد أن يتناسب مع الأساسات والتى بدورها ترتبط بعدد الدوار المطلوبة .

ومن يريد شراء سيارة فما عليه إلا أن يقوم بدراسة الأمر من الناحية المادية والناحية الميكانيكية أوسؤال النصح من الخبراء أو المجربين من المعارف أو حتى أستئجار أحدهم عند الشراء .

أليس هذا مايحدث ؟

أم ترى إن أنهيار بيت أخطر من أنهيار مستقبل أسرة أو شخص أو إن إمتلاك سيارة أهم من إمتلاك الحياة المستقلة المريحة والبعد الوظيفية المقيتة المقيدة للإبداع المليئة بالمنغصات .تمربنا السنوات والليالى فى إنتظار الحافز والعلاوة التى قد تأتى وقد تأتى الرياح بما لاتشتهى السفن .

يقول أبو القاسم الشابى


إذا مـــا طمحــتُ إلــى غايــةٍ *** ركــبتُ المُنــى, ونسِـيت الحـذرْ

ولــم أتجــنَّب وعــورَ الشِّـعاب *** ولا كُبَّـــةَ اللّهَـــب المســـتعرْ

ومن يتهيب صعود الجبال *** يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ



وسوف أُعطى مثال لأحد تلك الكتابات التحفيذية الجميلة وقصة حدثت معى. فقد قرأت فى أحد المرات لأحد الأمريكان -الناجحين والذى زاع صيته فى مجال التنمية البشرية بشدة- إنه فى أحد المرات كان يطير بطائرته الخاصة فوق أحد الأبنية الشاهقة - والذى أصبح الأن أكثر منها علواً- ورجعت به الذكريات عقد من الزمان أيام كان يعمل بهذا المبنى (بواباً) وكان فقيرأ ويُعانى من السمنة والمرض ، وعندما تنظرغلاف الكتاب تجد صورته وسيماً تملأه الصحة والكاريزما ، فما بالك بفعل تلك الكلمات فى النفس البشرية والكتاب يمتلئ والكتابات تمتلئ بمثلها .

وسوف أتحدث عن نفسى فعند قراءة تلك السطور إمتلات بالحماسة وقتها حتى أننى أستدعيت زوجتى – والتى نشترك معاً فى كُل الأمور صغيرها وكبيرها- وجعلتها تقرأ تلك السطور أو قرأت على مسامعها لاأتذكر بدقة المهم ما أتذكره فعل وتأثير تلك الكلمات فى نفسى .


كذلك أتذكرأننى ملأنى الحماسة أكثر من أى وقت مضى ثم سألتنى زوجتى أن أسرد عليها كيف وصل هذا الكاتب إلى تلك المكانة ؟

وأنتظرت بلهفة أن أفاجئها وأمطرها بالخطوات الإبداعية المدروسة التى قام بها والأزمات التى مر بها والمشكلات التى تخطاها وكيف فعلها والعراقيل التى توقعها وقام بتحليلها وقضى عليها عندما ظهرت .

ولم تدرى وهى تنظر إلى مبتسمة أننى من فوجئت بالتساؤل البرئ ، خفتت إضاءة إبتسامتها شيئاً فشياً عندما طال سكوتى قبل أن أجيبها

مش عارف

وأصابتنى بالسؤال المباشر المنطقى التالى...

هو مش مكتوب ؟

لا ...كانت إجابتى

وبعدها تلقيت السؤال التهكمى الصاروخى جو أرض والذى جعلنى أحس بإنها سوف تستفرد بى

طيب أنت أستفدت أية ؟

هنا ثارت فى الحمية للكتاب و بالمعنى الصحيح لنفسى هل تعتقد هى أننى ألقى فلوسى فى اللاشئ ( وبينى وبينكم كثيراً ما كان يحدث عكس هذا)

وبدأت أسرد لها أهمية أن يتلقى الأنسان الحماس حتى يبدأ الفعل و...

هنا تلقيت القنبلة الذرية التى دمرت كل دفاعاتى عندما قالت لى

طب وانت محتاج حماس

حمدت الله إنها قالتها وهى تهم بالإنصراف إلى المطبخ لأن البطاطس على النار...

جلست أفكر منفرداً...

فعلاً هل وصل هذا الكاتب لما وصل له بمجرد الحماسة ، أو فقط ما ذكره بالكتاب أم ثمة إستيراتيجيات خاصة به هى السبب الرئيس ؟ ولم يذكرها
هل كتب التنمية البشرية تكفى بمفردها أم هناك حلقة مفقودة؟