الثلاثاء، 19 أغسطس 2014

مقدمة فى علم النجاح
فى منتصف التسعينات من القرن الماضى بدأ مجموعة من علماء النفس فى جامعة (سانتا كروز) الأمريكية بإعداد أبحاث تهدف إلى تحليل وأستطلاع النماذح التى تتحكم فى السلوك الأنسانى ، وكان الهدف تأسيس نماذج للسلوك الأتصالى ، قد أستخدم بنجاح على أيدى مُعالجين ناجحون ، وفى مُنتصف السبعينات من القرن الماضى أنبثق هذا العلم وأطلق عليه (البرمجة اللغوية العصبية) ، وقد أستخدم بنجاح باهر فى تغيير الأعتقادات السلبية عن النفس أو عن الأخرين ، وفى التحكم بالعواطف أو التخلص من المخاوف الغير منطقية.
ثم تطور هذا العلم ، وأنتشرت مراكزه وتوسعت معاهد التدريب التى تدرسه فى أمريكا ثم أمتدت منه إلى أوروبا عبر بريطانيا .
وعبارة (البرمجة اللغوية العصبية ) أو Neuro Linguistic programming وأختصارا (NLP) ، ويؤمن رواد هذا العلم ، بأن الأنسان يولد على الفطرة كأى جهاز كمبيوتر جديد يتكون من أجزاء متنوعة بخلاف نظام التشغيل ، والذى مايلبث بعد فترة من الأستعمال أن يصبح جهازا له خصوصيته وتنوعه وإختلافه عن بقية الأجهزة الأخرى لإحتواءه على برامج ومعلومات تميزه عن جميع الأجهزة الأخرى .
وهكذا الأنسان ما يلبث بعد فترة من التعاملات والمؤثرات الإجتماعية ثم إكتساب عدد من المهارات والقدرات ثم ظهور المواهب . ولكن يأتى السؤال الأهم...
هل البرمجة اللغوية العصبية هى طريق النجاح وفقط ؟؟؟
إن كل منا يريد أن يكون إنسانا ناجحا فى حياته . ونقضى العديد من سنوات العمر الجميل فى الدرس والتحصيل من أجل تحقيق هذه الأمنية .
ولكن الأهداف تكبر وتتسع مع إتساع المدارك والفكر فكثيرا ما كانت أهداف البعض أن يلتحق بالكلية الفلانية أو أحد كليات القمة -أو كما يطلق عليها- ولكنه بعد تخرجه من تلك الكلية لايجد إنه قد حقق النجاح الفعلى أو العملى . لأن النجاح الدراسى أو الأكاديمى شئ ، والنجاح فى الحياة العملية شئ .
فقد ينجح المرء فى كل مراحل حياته الأكاديمية بل ويتفوق بها ، حتى إذا ما دخل معترك الحياة العملية ، وجدناه لم يحقق من النجاح الذى يصبوا إليه إلا القدر اليسير أو ربما لم يحقق منه شيئا على الأطلاق . وتلك حقيقة واقعة لاتحتاج لبرهان وكما يقول "جبران خليل جبران" (إن الحقيقة التى تحتاج إلى برهان هى نصف حقيقة)
فهذا الرجل يقول ...
(لا أننى لم أخلق لهذه الوظيفة ، ذلك بعد أن يكون قد قضى سنوات طويلة مملة من عمره يؤدى هذا العمل يومياً والذى لم يخلق له)
وهذا شاب تواً تخرج فى الجامعة وراح يبحث عن عمل ، حتى إذا وجد وظيفة خالية سارع بالتقدم إليها ، فإذا به يكتشف بعد ذلك أن طبيعة هذا العمل الجديد لاتتلاءم مع ميوله أو مواهبه أو إتجاهاته.
لقد شبه الفيلسوف الأمريكى الشهير "أيمرسون"Emerson النجاح ، بعصفور صغير لايقوى على الطيران وقد أستقر فى عشه فوق جذع شجرة عالية بحديقة غناء مُحاطة بسور عالى كبير ، وجميع البشر يقفون خارج هذا السور..وهم جميعهم يريدون هذا العصفور.
أنتهى كلام " أيمرسون "، ولكن الأهم هو...
ماذا يفعل البشر خارج هذا السور ؟
يصنف البشر خارج السور إلى ثلاثة أصناف وهم :
1- إن البعض يقف خارج السور ينتظرون خروج العصفور الصغير من عشه ولايريدون أن يصدقون إنه صغير – وسيبقى صغير- لايقوى على الطيران حتى يطير إلي أى أحد ولذا فهم ينتظرون ولسوف يطول بهم الأنتظار إلى نهاية العمر .
2- والبعض الأخر أخذ يدور حول السور أملا أن يجد الصدفة أو الفرصة الذهبية ، مثلا أن يجد فتحة أو كسر أو أنخفاض بهذا السور العالى ، لقد بذلوا مجهودا فى (البحث الآمن) ولكن بحثهم لم ولن يسفر إلا عن بذل هذا المجهود المرفه حيث السور بالفعل مُتقن عالى قوى ، وسريعا مايمل هذا البعض ويتعب لأن طبيعته فى الأساس هى بعيدة كل البُعد عن المجهود العالى أو المُغامرة .
3- أما البعض الأخير فبعضهم حاول تسور السور وأبدع كل منهم بالأدوات المتاحة لديه فمنهم من تعاون ومنهم من تفرد ومنهم من ألقى بالخطاطيف والحبال ومنهم من أستخدم المعاول للكسر ومنهم من أستخدم الحفر من أسفل هذا السور ، وعلاوة على ذلك تقابلهم العوائق والعراقيل والمشكلات وهم لايتوانون فى تخطيها ، فكلا منهم أبدع بما يمتلك من مواهب أو قدرات . حتى يتخطون السور و"يقتحمون" الحديقة ولكن هنا بالداخل نسى البعض من هؤلاء الهدف الحقيقى (العصفور الصغير) وأعتبر مجرد دخوله الحديقة هو الهدف وأستراح وأستكان تحت أى شجرة ، أما البعض الأخر ممن لم ينس هدفه فبعد المجهود السابق وجد نفسة أمام مجهودا أخر من طبيعة مختلفة المجهود العقلى والتفكير والتحليل بها أكثر من المجهود البدنى للبحث وإيجاد الشجرة التى بها ذلك العصفور الصغير (النجاح) قبل المنافسين.
إن أول ماتتطلبه عملية البحث الناجح عن النجاح (العصفور الصغير) هو البحث عن الذات أولا .
وكما يقول "برنارد هالدين" Bernard Haldane فى كتابه "كيف تجعل من النجاح عادة"
(أن فرص النجاح مُتاحة لكل واحد منا ، إذا عرف كيف يكتشف ذاته أولا، والبحث عن الذات ليس بمشكلة ، كما يتصور البعض منا ، ولو إننا أستطعنا أن نخصص من وقتنا بضع ساعات يوميا ، نخلو فيها إلى أنفسنا وأفكارنا ، لأستطعنا بمجهود بسيط أن نضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح )
نعم أرى أنه بمجهود بسيط تصل لذاتك ، ولكن هل بمجرد أن تخصص بعض الساعات من وقتك تصل إلى ذاتك ، أشك فى هذا الأمر بشدة وكثيرا ما نبسط الأمور التى خلقت مُركبة أو مُعقدة بعض الشئ فلا نصل إلى شئ .
وهل إيجاد ذاتك هو نهاية المطاف؟
لا بل هو بدايته فالبحث عن الذات أولا وبعد ذلك يأتى البحث داخل الذات تالياً ، والتيقظ الدائم للهدف الحقيقى بل أحيانا الوصول للأهداف الأرقى والأعظم.
وقد تواصل معى أحد قرائى ويريد موعد عبر قناة الأتصال (السكايب) وكل هدفه – حيث أننى صاحب مدونة "دائرة الضوء" الشهيرة لأكتشاف مواهب الأطفال الخفية - هو أن يجد ذاته أو يحدد مواهبه وقدراته والتى تؤهله لأن يسلك طريقا صحيحا يصل به إلى النجاح فهو يحس بتخبط ولايرضى عن عمله وبالتالى لا أهداف من خلال هذا العمل الممل المقيت - بالنسبة له – وهو هنا حصر ذاته بكل كونه الداخلى فى منطقة العمل ، فبالفعل ثمة دراسات تؤكد على أهمية العمل فى تحقيق السعادة للأنسان فهو يأتى فى المرتبة الأولى فى مسببات التعاسة للأنسان إذا ماكان غير مناسب كما يأتى الزواج فى المرتبة الأولى لتحقيق السعادة للأنسان إذا ما كان ناحجاً .
تحدثت مع هذا الشخص – وكان مصرى يعمل بالسعودية – لمدة ساعة ونصف كاملة حتى أستطعت أقناعة إنه الوحيد القادر على أكتشاف ذاته والوصول لكونه الداخلى تلك التركيبة الخاصة جدا ولم أكن بعد قد أكتشف ذلك المكون السحرى الرائع
ولسوف ترى بوضوح من خلال "قاعدة سحرية" ما هو جلى ولايراه السواد الأعظم من الناس ، إنها أساس "السر" الذى تحدث عنه الكثيرين والذى يجعلك تأمر الكون فيحقق لك رغباتك ويصل بك لأهدافك فى الحياة كأنه مارد المصباح تأمره بكل ثقة فيطيع بكل بساطة .
تلك القاعدة هى مصباح المارد والذى يجب أن تحافظ عليه بالأنتظام والسرية فى العمل .
فكما جاء فى الحديث الشريف...
(استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان ...)
وأنت إذا ما إلتزمت هذه القاعدة السرية السحرية فسوف تبدأ فى إكتشاف هذا المخلوق العملاق الذى يكمن داخلك .
تلك القاعدة هى المايسترو المنظم للتيارات والتيارات المضادة التى تتصارع داخلنا وهما كما يقول "إيمرسون" مسببات القرارات الخاطئة والتردد ، فكثيرون منا يضلون عبر طريق الحياة فتنتابهم الحيرة والتردد ترى ماذا يصنعون بأنفسهم وأى الطرق يسلكون ، وكثيرون لايقفون طويلا عند هذا المُفترق فنراهم وقد أختاروا طريقهم بسرعة ، فلا يلبثون أن يكتشفون أنهم أخطأوا )
وإنك مع تلك القاعدة قد تتخذ قرارات قد لاتُعجب الأخرين ولكنها هى الأصوب لك والأنسب .
فقد سأل يوماً أحد تلاميذ "سقراط" ، وكان يحرص على لقاءه صباح كل يوم عند صخرة كبيرة حيث كان يجتمع بتلاميذه ومريديه ويحدثهم ويعطيهم من فكره وعلمه .
قال التلميذ للفيلسوف الأشهر :
( أننى أجد مشقة فى الوصول إليك فى تلك الساعة المبكرة من الصباح ، فأنا أحرص على ألا يفوتنى شئ من حديثك الذى أقطع من أجله عشرات الأميال كل يوم .. قل لى بربك ، لماذا أخترت هذا الوقت المُبكر جداً )
حدق الفيلسوف بعين فاحصة الفتى ،ثم مال بظهرة إلى الصخرة من ورائة وأستغرق فى تفكير عميق ، وأخيراً قال "سقراط"
(ثمة أشياء يابنى تدفع المرء دفعا إلى إتخاذ قرارات خاطئة)
يقصد الفيلسوف أن قراراته قد تبدو خاطئة ولكنها هى الأنسب والأصلح بالنسبة له حيث أنه لم يغير الموعد فى نهاية الجلسة.
ثمة قاعدة سحرية تُمكن الناجحين من تحديد الأهداف المناسبة والعلماء من الحل الأمثل للمشكلات والمُبدعين من التفكير الأبداعى الخلاق

 إنها تنظم كونك الداخلى ، وهى من تعمل على المُصالحة مع الذات وأكتشاف مواهبك وقدراتك الدفينة المُميزة لك مع الوقت ، إنها ..
 ( قاعدة التوازن الداخلى التام )
 لتكملة وشرح قاعدة التوازن الداخلى التام  موعدنا
إن شاء الله الجمعة القادمة
تنبيه: جميع مقالاتى بجميع مدوناتى هى حصرية وغير منقولة والأفكار التى بها من أبتكارى الأقتباس مسموح بل محمود ولكن يجب التنوية إلى المدونة وإلا تكون خيانة للأمانة العلمية وشكرا
المستشار والخبير التربوى والمدرب /حسن حجازى